د. فدوى عبد الساتر
باحثة وإعلامية
طبعا لابد من الإشارة أولا إلى أن هذه المقالة تشير إلى الهدف وليس إلى الخيارات والمواقف المحسومة من العدو الصهيوني والتي لا نحيد عنها ابدا تجاه فلسطين القضية الأساس ومناصرتها مهما عظمت التضحيات عملا بقول شهيدنا الأقدس والوعد الإلهي بحتمية النصر وبزوال الكيان الصهيوني المجرم..
إن الأهداف المعلنة لطوفان الأقصى على لسان المتحدث باسم القسام ابو عبيدة هو تحرير الأسرى وقد ألحق به هدفين كنتيجة حتمية للطوفان هما انسحاب قوات العدو من القطاع وإعادة الإعمار.
وهنا لست بصدد مناقشة الهدفين اللاحقين بل دعونا نتعمق بالهدف الأساس..
بداية لكل حرب أهدافها سواء كانت محقة او ظالمة وخوض معركة تحرير أسرى مظلومون يعانون في سجون الاحتلال الخبيث ومعتقلاته لهي أحق من اي اعتبار الا ان ثمة أسئلة تحضرني هنا.. هل كان الطوفان في البعد الاستراتيجي للحرب يتلائم مع الهدف؟ وهل أُجريت دراسة دقيقة لنتائجه او وضعت مسارات وحيثيات واعتبارات وخطوط حمر في حال تدحرجت كرة النار وخرجت عن المسارات المرسومة؟ وأيضا هل كان الطوفان بهدفه المعلن يستحق الثمن الذي دُفع؟ لاسيما ان القاصي والداني والتجارب السابقة مع هذا العدو اظهرت فشل خطة التحرير للمعتقلين الذين يعودون بعد ساعات او أيام في أفضل الحالات الى زنارينهم ويضاف إليهم المزيد من المعتقلين.
هذه الاعتبارات وغيرها تأخذنا للتعمق في الهدف الأساسي الذي قلنا أنه تحرير الأسرى واذا ما استعرضنا نتائج هذا الطوفان المدمرة على مستوى القطاع نفسه نستطيع القول أن نتائجه لم تكن بالدرجة المرجوة طبعا هذا الشرح لا يعني القول برفض المعركة او مدى أحقيتها فهي محقة بالمطلق إنما نتائجها جاءت كارثية وأعظم من الهدف نفسه..
فبدل تحرير ٢٠٠٠ معتقل على سبيل المثال خرج مئات وعاد منهم او قُتلوا غيلة بعد خروجهم ودخل أضعاف عددهم مكانهم في الزنازين فضلا عن استشهاد الألوف وتدمير كل البنى التحتية والمستشفيات وتهجير ساحق لأهل القطاع هذا على مستوى الداخل وأما على مستوى الدول المساندة لحركة الطوفان فقد سجلت الارتدادات تهجير لمعظم اهالي قرى الشريط الحدودي ان لم يكن بالكامل وتدمير البيوت والبنى التحتية فضلا عن استشهاد مدنيين ومقاومين بينهم قادة لكن.. إذا أردنا قياس ارتدادات هذا الطوفان المزلزل على مستوى الحركة المقاومة في القطاع نفسه اي حماس وحركات المقاومة في دول محور المساندة اي المقاومة الإسلامية والحشد العراقي واليمن وايران فنجد ان المعركة حصدت على مدى سنة ونصف السنة قيادات الصف الأول في حركة المقاومة حماس وفي المقاومة الأسلامية وقيادات الصف الثاني والثالت ومئات الشهداء بل آلاف الشهداء بين مقاومين ومدنيين وقيادات من الحشد الشعبي العراقي وقيادات إيرانية كالشهيد عباس نيلوفر وشهداء في اليمن واستهداف القوة الصاروخية الايرانية وتدمير الجنوب والضاحية ومناطق النزوح بل ونزح شيعة لبنان من قراهم ومناطقهم وعانوا أوجاع النزوح وقُتل فلذات اكبادهم غدرا وتحت الانقاض وخسروا ارزاقهم ولا زالوا يتحملون تبعات مساندتهم من قتل وتهجير.. وهنا لا يمكن ان ننسى ألوف الجرحى الذين أُخرجوا عمليا ونهائيا من ساحة المواجهة..
فهل كان تحرير الأسرى كهدف لطوفان كهذا يستحق هذا الثمن أم كان يجب أن يكون تحرير الأقصى هو الهدف؟